التحول التقني في قطاع الدفاع: الفرص والاستراتيجيات الممكنة للدول الصاعدة
- Khalid Almariee
- May 13
- 2 min read

يشهد قطاع الدفاع العالمي اضطرابًا تقنيًا متسارعًا تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي، والأنظمة الذاتية (Autonomous Systems)، وأنماط الابتكار المرن والسريع. ويمثل هذا الاضطراب نقطة تحول استراتيجية للدول، إذ يُعاد رسم ملامح القوة الدفاعية خارج قوالب التصنيع التقليدي وثقافة "العمالقة الصناعيين" الذين سيطروا على السوق لعقود.
أولًا: من التبعية إلى التمكين التقني
بدلاً من سلوك الطريق التقليدي الذي اتبعته بعض الدول النامية بمحاولة استنساخ نماذج الشركات الدفاعية العملاقة، يفتح هذا التحول فرصة أمام الدول لبناء منظومة دفاعية أكثر مرونة، تستند إلى القدرات المحلية، وتنطلق من فهم عميق للتحولات الرقمية والتقنية.
إن نقطة البداية اليوم مختلفة. فالتقنيات الناشئة تتيح فرصًا جديدة للنفاذ إلى الصناعة من بوابات لم تكن متاحة من قبل. لم تعد القدرة على إنتاج دبابات أو طائرات مقاتلة شرطًا للدخول في الصناعة الدفاعية، بل أصبح بالإمكان المساهمة في تطوير برمجيات السيطرة والتحكم، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، وأنظمة الاستشعار، والطائرات دون طيار، وحتى الدفاع السيبراني.
ثانيًا: لماذا هذا هو التوقيت الأمثل؟
التحول في مراكز الثقل: لم تعد القوة الدفاعية تعتمد فقط على الكتلة الحديدية، بل على قدرة النظام على التفاعل، اتخاذ القرار، والتحكم الذكي.
سهولة نقل التكنولوجيا في المجالات الرقمية: بخلاف الأنظمة الثقيلة، فإن نقل المعرفة في مجالات البرمجيات والأنظمة الذكية أقل تعقيدًا من الناحية التنظيمية.
توفر الكفاءات المحلية الشابة: في كثير من الدول الصاعدة، تتوفر طاقات شبابية بارعة في البرمجة والابتكار التقني يمكن تأطيرها ضمن مشاريع وطنية دفاعية.
إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية: تفتح الأزمات الجيوسياسية فرصًا لإعادة توزيع الإنتاج الدفاعي على نطاق عالمي أكثر تنوعًا.
ثالثًا: ما الذي يمكن فعله؟ (استراتيجيات مقترحة)
تبني نموذج "الدفاع التقني المحلي"التركيز على بناء منظومات ذكية تعتمد على البرمجيات والأنظمة الذاتية، وليس فقط الصناعات الثقيلة. ويشمل ذلك:
الذكاء الاصطناعي للقيادة والسيطرة.
الدرونز وأنظمة المراقبة الذاتية.
الدفاع السيبراني وبناء مراكز تنبؤ مبكر.
تصميم برامج لنقل التقنية بذكاءبدلًا من نقل خطوط إنتاج قديمة، يجب التفاوض على نقل المعرفة في المجالات المستقبلية، مثل:
هندسة الخوارزميات الدفاعية.
نماذج المحاكاة التدريبية.
التطبيقات التنبؤية لساحات القتال.
تحفيز شركات التقنية المحلية لدخول المجال الدفاعيمن خلال:
تقديم حوافز مالية وتنظيمية.
تشجيع الشراكات مع مؤسسات الدفاع الوطنية.
توفير بيئة اختبار آمنة للأفكار.
إنشاء صناديق استثمار سيادية موجهة للدفاع التقنيالاستثمار في شركات ناشئة ذات بعد دفاعي، محليًا ودوليًا، يمكن أن يبني قاعدة صناعية ناعمة ومستدامة.
تطوير مناهج أكاديمية مرتبطة بالدفاع التقنيالجامعات ومراكز الأبحاث يجب أن تتحول إلى شريك استراتيجي، من خلال:
دمج الذكاء الاصطناعي في كليات الهندسة العسكرية.
فتح مسارات بحثية مشتركة بين القوات المسلحة والجامعات.
رابعًا: تحديات يجب الانتباه لها
البيروقراطية الدفاعية: يمكن أن تعيق وتيرة الابتكار إن لم تُراجع أنظمتها للتعاقد والتجربة والتقييم.
أمن المعلومات: الانفتاح على شركات ناشئة يتطلب منظومات صارمة لحماية البيانات والمجسات الحساسة.
التوازن بين الاستقلال والشراكة: يجب الحفاظ على درجة من السيادة التقنية حتى أثناء الشراكات الدولية.
خاتمة: السيادة تبدأ من نقطة التحول
الاضطراب التقني في قطاع الدفاع ليس تهديدًا بقدر ما هو فرصة. ومن يستطيع فهم هذه اللحظة، واتخاذ قرارات جريئة، يمكنه القفز على مراحل طويلة من الاعتماد، والدخول سريعًا في صفوف الدول المؤثرة في تقنيات الدفاع المستقبلية. ليست المسألة في حجم المال، بل في ذكاء توجيهه.
留言