كيف يتكامل الاحتياج العملياتي العسكري مع البحث والتطوير والصناعة؟

تمهيد

تبدأ دورة بناء القدرات الدفاعية والأمنية العسكرية برسم خريطة احتياج تشغيلي، ومقارنتها بالقدرات المتاحة محليًّا، ثم إحالة الفجوات التي لا يغطيها الحل الوطني إلى البحث والتطوير (Research & Development – R&D)، وصولًا إلى ملف حزمة التصميم والتصنيع (Design & Manufacturing Package). هذا التسلسل يضمن الاستفادة القصوى من الموارد الحكومية ويمنع هدر الإنفاق، إذ يكشف مبكرًا ما إذا كانت القدرة المطلوبة:

• موجودة في قطاع آخر ويمكن نقلها أو تبادل الخبرة حولها.

• متوافرة في سوق محلي عبر ملفات التصنيع والتوريد (Existing Industrial Solutions).

• جديدة كليًّا وتستدعي استثمارًا بحثيًّا وتقنيًّا.

  
  

أ. بيان الاحتياج التشغيلي (Mission Needs Statement – MNS)

1. جمع البيانات الميدانية الخاصة بالعمليات وفق الاجراءات المنظمة لسرية المعلومات.

2. تدقيق القدرات الحالية باستخدام خريطة القدرات الوطنية (Cross-Domain Capability Mapping).

3. تحليل الفجوات (Capability Gaps) وتحديد أولوية كل فجوة.

4. إصدار وثيقة الاحتياج التشغيلي MNS وفق التصنيف الآتي:

   • حاسم (Critical)

   • مرتفع الأهمية (High)

   • مرغوب (Desired)

المحصّلة: وثيقة وطنية موحَّدة توضّح ما نحتاج إليه، وما نملكه بالفعل، وما يلزم تطويره.

ب. القرار قبل البحث والتطوير

1. إعادة توزيع القدرات المتاحة أو إسناد المهمة عملياتيًّا إلى الجهة التي تملكها وفق مفهوم العمليات المشتركة.

2. تفعيل الحلول المحلية من ملفات التصنيع والتوريد عند توافرها أو تتجه إلى مسار اعتيادي للشراء والتوريد.

3. نقل الفجوات المتبقية إلى مسار R&D فقط إذا تعذّر الحل المحلي الجاهز.

4. 
   

ج. مواءمة البحث والتطوير (R&D)

1. صياغة أسئلة تقنية محددة لكل فجوة باقية.

2. ربط المشروعات بمستوى النضج التقني (Technology Readiness Level – TRL) لضبط المخاطر والميزانية.

3. إعداد خارطة طريق البحث (R&D Roadmap) بالتواريخ والموارد.

4. رقمنة أرشيف البحث والتطوير الوطني (نتاج الجامعات والدراسات المستقلة) وإنشاء منصة بيانات معرفية لضمان الامتداد المعرفي واستثمار الأبحاث السابقة.

المحصّلة: نماذج أولية (Prototypes) موجَّهة بدقة إلى النواقص الحقيقية، وليست مشروعات معزولة.

4. ملف حزمة التصميم والتصنيع (Design & Manufacturing Package)

1. تقييم الجدوى الصناعية وتحديد شركاء نقل التقنية (Technology Transfer).

2. إعداد خطة توطين وسلاسل الإمداد (Localization & Supply Chain) بنسبة محتوى محلي مستهدفة.

3. إصدار ملف الحزمة شاملاً المواصفات الفنية، جدول الكميات، خطة التدريب ومراحل الإنتاج.

المحصّلة: وثيقة تعاقد جاهزة تتيح للصناعة الاستثمار بثقة طويلة الأجل.

5. الحوكمة المقترحة

• لجنة تنسيق ثلاثية المستويات (عملياتي – تقني – صناعي).

• منصة بيانات موحَّدة (Unified Data Platform) تتعقّب كل قدرة من «تم تحديدها» (Identified) إلى «قيد التوريد» (In Delivery).

• دورة سنوية ثابتة:

  Q1 جمع البيانات،

  Q2 تحليل الفجوات والقدرات،

  Q3 تخطيط R&D،

  Q4 إطلاق ملفات الحزم.

  
  

6. مؤشرات النجاح

• تقليص المدة الزمنية للتصنيع والتوريد (Lead Time) من تحديد الاحتياج إلى توقيع عقد الصناعة بمعدل 30 %.

• رفع نسبة المشروعات التي تبلغ TRL 6+ إلى 70 % عند نهاية مرحلة البحث.

• بلوغ نسب توطين (Localization) مستهدفة خلال ثلاث سنوات من بدء الإنتاج.

• تحقيق تشغيل-بيني (Interoperability) مُعتمد ميدانيًّا بين جميع الأجهزة.

  
  

سؤال إستراتيجي مفتوح

هل نحتاج إلى جهة تنسيق جديدة تحت مظلة حوكمة قائمة، أم يكفي تعزيز التكامل الصناعي مع المستخدم وفق الهياكل المعتمدة حاليًا؟

أخيرا ...

مواءمة الاحتياج أولًا تربط الطلب التشغيلي بالحلول المتاحة قبل القفز إلى البحث أو الصناعة. فالقدرات القائمة يُعاد توظيفها، والحلول المحلية تُفعَّل، ويتركَّز البحث على الفجوات الحقيقية فقط، لتتحوّل نتائجه إلى ملفات حزم التصميم والتصنيع جاهزة للتوطين. هكذا تُستثمر الموارد الحكومية بحكمة، وتُبنى القدرة الوطنية بأسرع وقت وأعلى كفاءة.