التبريد بمياه البحر العميقة في البحر الأحمر: بين الإمكانية والتحديات
- Khalid Almariee

- Jun 7
- 3 min read

يُعد التبريد بمياه البحر العميقة (Deep Sea Water Cooling - DSWC) من الحلول البيئية المبتكرة التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على مكيفات الهواء التقليدية ذات الاستهلاك العالي للطاقة. تعتمد التقنية على سحب مياه البحر الباردة من الأعماق الكبيرة، واستخدامها كمصدر طبيعي لتبريد الأبنية أو المرافق الصناعية. ورغم أن هذه التقنية أثبتت فعاليتها في مناطق عديدة حول العالم، إلا أن تطبيقها في سواحل المملكة العربية السعودية، وبالذات في البحر الأحمر، يحتاج إلى دراسة دقيقة نظرًا لطبيعة البحر وظروفه البيئية الخاصة.
مفهوم التقنية وأهميتها
تعتمد DSWC على سحب مياه من أعماق تزيد عن 700 متر، حيث تكون درجة الحرارة ثابتة نسبيًا (عادة بين 4–10 درجات مئوية)، ثم تمرر هذه المياه عبر مبادلات حرارية لتبريد المياه المستخدمة في أنظمة التكييف داخل الأبنية. النتيجة هي تقليل كبير في استهلاك الكهرباء مقارنة بأنظمة التبريد التقليدية، وتقليل الاعتماد على المياه المحلاة في أبراج التبريد.
واقع البحر الأحمر: هل يناسب DSWC؟
✅ العوامل الإيجابية:
عمق البحر: يصل عمق البحر الأحمر إلى أكثر من 2,000 متر، ما يجعل الوصول إلى المياه الباردة ممكنًا من حيث العمق.
الطلب المرتفع على التبريد: المناخ الحار يجعل التبريد ضرورة دائمة، ما يعزز العائد من الاستثمار طويل الأمد.
مشاريع جديدة مثل Oxagon: تركز على البنية التحتية المستدامة، وتُعد من أبرز المرشحين لتبني تقنيات DSWC.
❌ التحديات:
درجة حرارة المياه العميقة: على عكس المحيطات الأخرى، تبقى مياه البحر الأحمر في الأعماق دافئة نسبيًا (20–22°C)، ما يقلل من فارق الحرارة بين السطح والقاع، ويحد من كفاءة التبريد.
البنية التحتية المطلوبة: تحتاج إلى أنابيب ضخمة ومضخات قوية للوصول إلى الأعماق، ما يرفع التكلفة.
الاعتبارات البيئية: أي تدخل في البيئة البحرية يتطلب تقييمات دقيقة لمنع التأثير على الشعب المرجانية والأنظمة البيئية الدقيقة.
المقارنة الاقتصادية
أظهرت دراسات أنظمة التبريد بمياه البحر أن الفائدة القصوى تتحقق عندما يتجاوز فرق درجة الحرارة بين السطح والقاع 15°C، وهو ما لا يتحقق غالبًا في البحر الأحمر (الفرق لا يتجاوز 10–12°C صيفًا، وأقل شتاءً). بالإضافة إلى أن الطاقة المطلوبة لضخ المياه من الأعماق قد تقلل كثيرًا من كفاءة النظام، وتجعله أقل تنافسية من تقنيات تبريد أخرى مثل التبريد الجاف أو الطاقة الشمسية الحرارية.
الحلول الابتكارية: استخدام ضغط البحر (التناضح)
طرحت بعض الدراسات إمكانية الاستفادة من الضغط الطبيعي في الأعماق لنقل المياه الباردة دون الحاجة إلى ضخ ميكانيكي مستمر، باستخدام مبادئ مشابهة للتناضح العكسي. هذه الفكرة لا تزال في طور البحث، لكنها قد تخفض من استهلاك الطاقة في المستقبل.
التوصيات والاستنتاج
تقنيًا: DSWC ممكن في البحر الأحمر، لكن يجب أن يُنفذ في مواقع ذات أعماق قريبة من الساحل وطلب تبريد مستمر (مثل Oxagon).
اقتصاديًا: لا يُعد مجديًا في جميع المواقع، ويجب أن يُدمج ضمن نظام تبريد هجين لزيادة كفاءته، يمكن التركيز على تخصيص هذه التقنية لتبريد مراكز البيانات للمساهمة في خفض التكلفة والانبعثات مع نظام تقليدي أساسي.
بيئيًا: لا يمكن تجاهل الأثر البيئي، ويجب أن تكون هناك دراسات تقييم أثر بيئي شاملة قبل التنفيذ.
المراجع:
Hunt, J. et al. (2019). Global SWAC potential. Energy.
Hoteit, I. et al. (2019). Characteristics of the Red Sea deep water.
Comfort, C. et al. (2015). Oceanography: Environmental impacts of SWAC.
Aldossary, A. & Alzain, H. (2024). OTEC and DSWC feasibility in the Red Sea. Saudi Aramco Research.
Red Sea Global (2023). District cooling and sustainability charter.
NEOM Oxagon (2024). Public statements on seawater cooling and industrial infrastructure.
الخلاصة:
تقنية التبريد بمياه البحر العميقة تحمل وعودًا كبيرة في سياق الاستدامة البيئية، لكنها ليست حلًا مجدي لكل موقع. في البحر الأحمر، يجب توخي الحذر في تطبيقها، واختيار المواقع بعناية، ودمجها ضمن حلول أوسع تشمل الطاقة المتجددة والتصاميم المعمارية الموفرة للطاقة.




Comments