هل يمكن إنشاء مجمع إقليمي للأسمدة الخضراء في منطقة الجوف لتنمية مستدامة؟
- Khalid Almariee

- Sep 16
- 3 min read

الهدف الاستراتيجي
يهدف هذا المقترح إلى تحويل منطقة الجوف إلى مركز (امتياز) إقليمي لإنتاج الأسمدة الخضراء، بالاعتماد على الفوسفات من طريف، والطاقة الشمسية، والبنية التحتية القائمة مثل شبكة سكة الحديد ومشاريع الطاقة المتجددة. يركز المشروع على تقديم حلول عملية لتحديات المياه ويهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي الوطني والإقليمي ورفع القوة الشرائية في المنطقة بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
المبررات
الموقع الاستراتيجي
تقع الجوف بالقرب من أسواق زراعية رئيسية في الأردن والعراق وسوريا، مما يمنحها ميزة لوجستية لتصدير الأسمدة برًا بتكاليف أقل من التصدير البحري عبر الموانئ البعيدة. كما يمكن للمشروع تلبية احتياجات المزارعين المحليين، وهو ما يعزز تكامل الصناعة مع الزراعة في المنطقة.
الموارد الطبيعية والصناعية
تحتضن طريف مناجم حزم الجلاميد التي تعد من أكبر احتياطيات الفوسفات في المملكة. إضافة إلى ذلك، يتم نقل الكبريت من المنطقة الشرقية إلى طريف عبر سكة الحديد ويستخدم في إنتاج حمض الكبريتيك، مما يتيح تكاملًا مباشرًا مع صناعة الأسمدة المقترحة في الجوف.
الطاقة البديلة
تتمتع الجوف بسطوع شمسي يتجاوز 300 يوم سنويًا، مما يجعلها من أنسب المواقع عالميًا لإنتاج الكهرباء الشمسية منخفضة التكلفة. وقد أثبت مشروع سكاكا للطاقة الشمسية (300 ميجاواط) قدرة المنطقة على استيعاب مشاريع مماثلة. الاستثمار في الطاقة الشمسية لا يوفر احتياجات المشروع فقط، بل يفتح المجال لإنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يمكن استخدامه كبديل مستدام للغاز الطبيعي، مما يمنح المشروع ميزة بيئية وتسويقية في الأسواق العالمية.
المناخ والتبريد الجاف
المناخ الجاف في الجوف وانخفاض مستويات الرطوبة يجعلان أنظمة التبريد الجاف خيارًا عمليًا وفعالًا، يقلل من استهلاك المياه الصناعي بنسبة كبيرة مقارنة بالمصانع الساحلية. هذا يمثل ميزة نسبية مهمة في منطقة داخلية تعاني من شح المياه.
البنية التحتية
تملك المنطقة بنية تحتية قائمة تدعم هذا النوع من المشاريع. شبكة سكة الحديد (سار) تربط طريف والجوف بالشرقية، مما يسهل حركة المواد الخام والمنتجات النهائية. كما أن وجود خبرة قائمة لدى شركة معادن في تشغيل المجمعات التعدينية يعزز إمكانية التكامل الصناعي. إضافة إلى ذلك، يمثل وجود مشاريع طاقة متجددة سابقة قاعدة يمكن البناء عليها للتوسع المستقبلي.
تحدي المياه وحلول مقترحة
إنتاج الأمونيا الخضراء يتطلب كميات يومية من المياه تتراوح بين خمسة إلى عشرة آلاف متر مكعب لمصنع متوسط الحجم. هذا يشكل تحديًا في منطقة داخلية مثل الجوف. إلا أن الحلول متاحة وقابلة للتطبيق، منها:
1. تحلية المياه الجوفية المالحة باستخدام التناضح العكسي، مع تطبيق تقنيات متقدمة مثل أنظمة الحد من الرجيع الملحي وتحويله إلى منتجات صناعية.
2. إعادة استخدام مياه الصرف الصحي والصناعي أو الزراعي بعد رفع جودتها، وهو مورد متجدد يتزايد مع نمو السكان والأنشطة.
3. تقليل الاستهلاك من خلال الاعتماد على التبريد الجاف وإعادة تدوير المياه داخل المصنع.
بهذا الإطار، يعتمد المشروع على موارد مياه غير عذبة ولا يشكل ضغطًا على المياه المخصصة للشرب والزراعة.
الأثر المتوقع
من الناحية الاقتصادية، من المتوقع أن يخلق المشروع ما بين ألفي إلى ثلاثة آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وأن يستقطب أكثر من عشرة آلاف نسمة إضافيين للسكن والعمل، مما يرفع القوة الشرائية وينعش الأنشطة التجارية والخدمية.
من الناحية التنموية، سيساهم المشروع في دعم المزارعين المحليين بأسمدة حديثة، وتحفيز الاستثمار في الإسكان والتعليم والصحة والخدمات، مما يعزز تحول الجوف إلى اقتصاد إنتاجي نوعي.
من الناحية البيئية، يوفر المشروع منتجًا منخفض الكربون مؤهلًا للتصدير إلى الأسواق الأوروبية التي تفرض معايير بيئية صارمة. كما أنه يقلل استهلاك المياه باستخدام التبريد الجاف وإعادة التدوير، ويتماشى مع مستهدفات الاقتصاد الدائري للكربون.
الخلاصة
إن هذا المشروع لا يمثل منافسة لمنصات التصنيع والتصدير في رأس الخير، بل مكملًا له. فبينما يخدم رأس الخير التصدير البحري العالمي بكميات ضخمة، فإن الجوف مؤهلة لتكون مركزًا إقليميًا للأسمدة الخضراء يخدم المزارعين المحليين والدول المجاورة بميزة تنافسية قائمة على الموقع الحدودي، الموارد الطبيعية، الطاقة الشمسية، المناخ المناسب للتبريد الجاف، والبنية التحتية المتاحة. هذه المبادرة تضع الجوف في موقع استراتيجي داخل منظومة الأمن الغذائي والطاقة النظيفة، وتخلق اقتصادًا إنتاجيًا نوعيًا يرفع عدد السكان ويعزز القوة الشرائية في المنطقة.




Comments